سُميه كيميائى مجتهد جدا
المساهمات : 170 تاريخ التسجيل : 24/07/2008
| موضوع: إخلال المتدينين اليوم بفقه الأولويات الأحد نوفمبر 09, 2008 11:05 pm | |
| [size=18] بسم الله الرحمن الرحيم ولا يقف الإخلال بالأولويات اليوم عند جماهير المسلمين، أو المنحرفين منهم ، بل الإخلال واقع من المنتسبين إلى التدين ذاته ، لفقدان الفقه الرشيد، والعلم الصحيح . إن العلم هو الذي يبين راجح الأعمال من مرجوحها، وفاضلها من مفضولها، كما يبين صحيحها من فاسدها، ومقبولها من مردودها، ومسنونها من مبتدعها، ويعطي كل عمل " سعره " وقيمته في نظر الشرع. وكثيراً من نجد الذين حُرموا نور العلم ورشد الفقه، يذيبون الحدود بين الأعمال فلا تتمايز، أو يحكمون عليها بغير ما حكم الشرع، فيُفْرطون أو يفَرطون، وهنا يضيع الدين بين الغالي فيه والجافي عنه. وكثير ما رأينا مثل هؤلاء - مع إخلاصهم - يشتغلون بمرجوح العمل، ويدعون راجحه، وينهمكون في المفضول، ويغفلون الفاضل. وقد يكون العمل الواحد فاضلاً في وقت مفضولاً في وقت آخر، راجحاً في حال مرجوحاً في آخر، ولكنهم - لقلة علمهم وفقههم - لا يفرقون بين الوقتين، ولا يميزون بين الحالين. رأيت من المسلمين الطيبين في أنفسهم من يتبرع ببناء مسجد في بلد حافل بالمساجد، قد يتكلف نصف مليون أو مليوناً أو أكثر من الجنيهات أو الدولارات، فإذا طالبته ببذل مثل هذا المبلغ أو نصفه أو نصف نصفه في نشر الدعوة إلى الإسلام، أو مقاومة الكفر والإلحاد، أو في تأييد العمل الإسلامي لإقامة الشرع وتمكين الدين، أو نحو ذلك من الأهداف الكبيرة التي قد تجد الرجال ولا تجد المال، فهيهات أن تجد أذناً صاغية، أو إجابة ملبية، لأنهم يؤمنون ببناء الأحجار، ولا يؤمنون ببناء الرجال! وفي موسم الحج من كل عام أرى أعداداً غفيرةً من المسلمين الموسرين يحرصون على شهود الموسم متطوعين، وكثيراً ما يضيفون إليه العُمرة في رمضان، ينفقون في ذلك عن سخاء، وقد يصطحبون معهم أناساً من الفقراء على نفقتهم، وما كلَّف الله بالحج ولا العُمرة هؤلاء. فإذا طالبتهم ببذل هذه النفقات السنوية ذاتها لمحاربة اليهود في فلسطين، أو الصرب في البوسنة والهرسك، أو لمقاومة الغزو التنصيري في إندونيسيا، أو بنجلاديش، أو غيرها من بلاد آسيا وإفريقيا، أو إنشاء مركز للدعوة، أو تجهيز دعاة متخصصين متفرغين، و تأليف أو ترجمة ونشر كتب إسلامية نافعة، لوَّوْا رؤوسهم، ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون. هذا مع أن الثابت بوضوح في القرآن الكريم أن جنس أعمال الجهاد أفضل من جنس أعمال الحج. كما قال تعالى: ( أجعلتم سقاية الحاجِّ وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم لآخر وجاهد في سبيل الله، لا يستوون عند الله، والله لا يهدي القوم الظالمين * الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم اعظم درجةً عند الله وأولئك هم الفائزون * يبشِّرهم ربهم برحمةٍ منه ورضوانٍ وجناتٍ لهم فيها نعيمٌ مقيمٌ ) (التوبة: 19 - 21). هذا مع أن حجهم واعتمارهم من باب التطوع والتنفل، أما جهاد الكفر والإلحاد والعَلمانية والتحلل، وما يسندها من قوى داخلية وخارجية، فهو الآن فريضة العصر. وواجب اليوم. ومنذ ما يقرب من سنتين قبل موسم الحج، كتب صديقنا الكتاب الإسلامي المعروف الأستاذ فهمي هويدي، في مقال الثلاثاء الأسبوعي، يقول للمسلمين بصراحة: إن إنقاذ البوسنة مقدَّم على فريضة الحج! وقد سألني كثيرون ممن قرأوا المقال عن مدى صحة هذا الكلام من الناحية الشرعية والفقهية. وقلت لهم حينذاك: إن لكلام الكاتب وجهاً صحيحاً ومعتبراً من ناحية الفقه، فإن من المقرر شرعاً: أن الواجبات المطلوبة فوراً مقدَّمة على الواجبات التي تحتمل التأخير. وفريضة الحج تحتمل التأخير، وهو واجب على التراخي عند بعض الأئمة. أما إنقاذ البوسنة من هلاك الجوع والبرد والمرض من ناحية، ومن خطر الإبادة الجَماعية التي تُحضَّر لها من ناحية أخرى، فهي فريضة فورية ناجزة، لا تقبل التأخير، ولا تحتمل التراخي، فهي فريضة الوقت، وواجب اليوم على الأمة الإسلامية كلها. ولا ريب أن إقامة شعيرة الحج، وعدم تعطيل الموسم فريضة أيضاً لا نزاع فيها، ولكنها تتم بأهل الحرمين ومن حولهم ممن لا يكلفهم الحج كثيراً من النفقات. ومع هذا أرى أن ما قصد إليه الأستاذ هويدي يمكن أن يتحقق بما دون هذا. فإذا أكثر الذين يزحمون موسم الحج كل عام هم من الذين أسقطوا عنهم الفريضة وحجوا من قبل. والذين لم يحجوا قبل ذلك لا يكوِّنون من مجموع الحجيج أكثر من 15% فإذا كان الحجاج نحو مليونين (000ر000ر2 ) فإن الذين يحجون منهم - عادة - لأول مرة، لا يزيدون غالباً عن ثلاثمائة ألف ( 000ر300)! فليت الذين يتطوعون بالحج - وهم الأكثرية ! - ومثلهم الذين يتطوعون بالعمرة طوال العام، وخصوصاً في شهر رمضان، يتنازلون عن حجهم وعمرتهم، ويبذلون نفقاتهما في سبيل الله، أي في إنقاذ إخوانهم المسلمين والمسلمات، الذين يتعرضون للهلاك المادي والمعنوي، وللعدوان الغاشم، الذي يستبيح كل حرماتهم، ولا يريد أن يبقي لهم من باقية، والعالَم المتقدم: يرى ويسمع، ولا يحرك ساكناً! لأن الغلبة لحق القوة، وليس لقوة الحق!!. ولقد عرفتُ بعض المتدينين الطيبين في قطر، وفي غيرها من بلاد الخليج، وفي مصر، يحرصون غاية الحرص على أداء شعيرة الحج كل عام، وأعرف بعضهم يحج سنوياً منذ أربعين سنة، وهم مجموعة كبيرة من الأقارب والأصدقاء والشركاء، ربما يصلون إلى مائة شخص. وقد ذكرتُ لهم في سنة ما، وكنت حاضراً لتوي من إندونيسيا، وشاهدت ما يصنعه التنصير هناك من أعمال هائلة، وحاجة المسلمين الماسة إلى مؤسسات مقابلة، تعليمية وطبية واجتماعية . . وقلت لهؤلاء الإخوة الطيبين: ما رأيكم لو نويتم هذا العام ترك الحج، والتبرع بنفقاته لمقاومة التنصير، 100 شخص كل شخص يتكلف 000ر10 جنيه = (000ر000ر1) لمليون جنيه، يمكن أن تكون نواة قوية لمشروع كبير، ولعلنا لو بدأنا مثل هذا العمل وأعلناه لقلَّدنا آخرون، فكان لنا أجر من تبعنا. ولكن الإخوة قالوا: إننا كلما جاء ذو الحِجَّة أحسسنا برغبة - لا نستطيع مقاومتها - للحج والمناسك، ونحس بأرواحنا تحلِّق هناك، ونشعر بسعادة غامرة كلَّما شهدنا الموسم مع الشاهدين. وهذا ما قاله من قاله لبِشْر الحافي من قديم، ولو صح الفهم، وصدق الإيمان، وعرف المسلم معنى فقه الأولويات، لكان عليه أن يشعر بسعادة أكبر، وروحانية أقوى، كلما استطاع أن يقيم بنفقات الحج مشروعاً إسلامياً، يكفل الأيتام، أو يطعم الجائعين، أو يؤوي المشردين، أو يعالج المرضى، أو يُعلِّم الجاهلين، أو يُشغِّل العاطلين. ولقد رأيت شباباً مخلصين كانوا يدرسون في كليات جامعية في الطب، أو الهندسة، أو الزراعة، أو الآداب، أو غيرها من الكليات النظرية، أو العملية، وكانوا من الناجحين بل المتفوقين فيها، فما لبثوا إلا أن أداروا ظهورهم لكلياتهم، وودعوها غير آسفين، بحجة التفرغ للدعوة والإرشاد والتبليغ، مع أن عملهم في تخصصاتهم هو من فروض الكفاية، التي تأثم الأُمة جميعها إذا فرطت فيها، ويستطيعون أن يجعلوا من عملهم عبادة وجهاداً إذا أُدِّي بإتقان، وصحَّت فيه النية، والتُزِمت حدود الله تعالى. ولو ترك كل مسلم مهنته فمن ذا يقوم بمصالح المسلمين: ولقد بُعِث الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعملون في مهن شتَّى، فلم يطلب من أحدٍ منهم أن يدع مهنته ليتفرغ للدعوة، وبقي كل منهم في عمله وحرفته، سواء قبل الهجرة أم بعدها. فإذا دعا داعي الجهاد، واستُنْفِروا، نفروا خفافاً وثقالاً مجاهدين بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله. ولقد أنكر الإمام الغزالي على أهل زمنه توجُّه جمهور متعلميهم إلى الفقه ونحوه، على حين لا يوجد في البلد من بلدان المسلمين إلا طبيب يهودي أو نصراني، يوكَل إليه علاج المسلمين والمسلمات، وتوضع بين يديه الأرواح والعورات، وتؤخذ عنه الأمور المتعلقة بالأحكام الشرعية، مثل جواز الفِطر للصائم، والتيمم للجريح! ورأيت آخرين يقيمون معارك يومية يحمى وطيسها من أجل مسائل جزئية أو خلافية، مهملين معركة الإسلام الكبرى مع أعدائه الحاقدين عليه، والكارهين له، والطامعين فيه، والخائفين منه، والمتربصين به. حتى الأقليات والجاليات التي تعيش هناك في ديار الغرب: في أمريكا وكندا وأوروبا، وجدت مَن جعلوا أكبر همهم: الساعة أين تٌلبس، أفي اليد اليمنى أم اليسرى؟ ولبس الثوب الأبيض بدل " القميص والبنطلون ": واجب أم سُنَّة؟ ودخول المرأة في المسجد: حلال أم حرام؟ والأكل على المنضدة، والجلوس على الكرسي للطعام، واستخدام الملعقة والشوكة: هل يدخل في التشبه بالكفار أو لا؟ وغيرها . . وغيرها من المسائل التي تأكل الأوقات، وتمزق الجماعات، وتخلق الحزازات، وتضيع الجهود والجهاد، لأنها جهود في غير هدف، وجهاد مع غير عدو. ورأيت فتياناً ملتزمين متعبدين يعاملون آباءهم بقسوة، وأُمهاتهم بغلظة، وإخوانهم وأخواتهم بعنف، وحُجَّتهم أنهم عصاة أو منحرفون عن الدين، ناسين أن الله تعالى أوصى بالوالدين حُسناً، وإن كانا مشركين يجاهدان ولدهما على الشرك، ويحاولان بكل جهدهما فتنته عن إسلامه. يقول تعالى: ( وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علمٌ فلا تطعهما، وصاحبهما في الدنيا معروفاً ) (لقمان: 15). فرغم المحاولة المصرة من الأبوين، التي سماها القرآن مجاهدة على الشرك، أمر بمصاحبتهما بالمعروف، لأن للوالدين حقاً لا يفوقه إلا حق الله عز وجل، ولهذا قال تعالى: ( أن اشكر لي ولوالديك إليَّ المصير ) (لقمان: 14). أما الطاعة لهما في الشرك فهي مرفوضة، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وأما المصاحبة بالمعروف فلا مناص منها، ولا عذر في التخلي عنها. كما أوصى تعالى بالأرحام وذوي القربى، كما قال تعالى: ( واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام، إن الله كان عليكم رقيباً ) (النساء: 1). ومما وقع فيه المسلمون في عصور الانحطاط ولا زال قائماً إلى اليوم: 1- أ نهم - إلى حد كبير - فروض الكفاية المتعلقة بمجموع الأُمة: كالتفوق العلمي والصناعي والحربي، الذي يجعل الأمة مالكة لأمر نفسها وسيادتها حقاً وفعلاً، لا دعوى وقولاً . . ومثل الاجتهاد في الفقه واستنباط الأحكام، ومثل نشر الدعوة إلى الإسلام، ومثل إقامة الحكم الشورى القائم على البيعة والاختيار الحر، ومثل مقاومة السلطان الجائر، والمنحرف عن الإسلام، ناهيك بالمعادي له! 2- وأهملوا بعض الفرائض العينية، أو أعطوها دون قيمتها، مثل فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي قدَّمها القرآن على الصلاة والزكاة في وصف مجتمع الإيمان. قال تعالى: ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة . . . ) (التوبة: 71)، وجعلها السبب الأول في خيرية الأمة: ( كنتم خير أمةٍ أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) (آل عمران: 110) ، وجعل إهمال هذه الفريضة عند بني إسرائيل سبيلاً إلى لعنتهم على لسان أنبيائهم ( لُعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم، ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون * كانوا لا يتناهَون عن منكرٍ فعلوه، لبئس ما كانوا يفعلون ) (المائدة: 78، 79). 3- واهتموا ببعض الأركان أكثر من بعض، فاهتموا بالصوم أكثر من الصلاة، فلهذا لم يكد يوجد مسلم مفطر في نهار رمضان ولا مسلمة. وخصوصاً في القرى والريف، ولكن وُجِد من المسلمين - والمسلمات خاصة - من يتكاسل عن الصلاة، ووُجِد من ينقضي عُمره دون أن ينحني لله راكعاً ساجداً، كما أن أكثر الناس اهتموا بالصلاة أكثر مما اهتموا بالزكاة، مع أن الله تعالى قرن بينهما في كتابه الكريم في (28) موضعاً، حتى قال ابن مسعود: أُمرنا بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ومَن لم يزك فلا صلاة له!. وقال الصِّدِّيق أبو بكر: والله لأُقاتلن من فرَّق بين الصلاة والزكاة، وأجمع الصحابة على قتال مانعي الزكاة، كما قاتلوا أدعياء النبوة ومن اتبعهم من المرتدين، وكانت الدولة المسلمة أول دولة في التاريخ تقاتل من أجل حقوق الفقراء! 4- واهتموا ببعض النوافل أكثر من اهتمامهم بالفرائض والواجبات، كما هو ملاحظ عند كثير من المتدينين، الذين أكثروا من الأذكار والتسابيح والأوراد، ولم يولوا هذا الاهتمام لكثير من الفرائض، وخصوصاً الاجتماعية، مثل: بر الوالدين؟ وصلة الأرحام، والإحسان بالجار، والرحمة بالضعفاء، ورعاية اليتامى والمساكين، وإنكار المنكر، ومقاومة الظلم الاجتماعي والسياسي. 5- واهتموا بالعبادات الفردية، كالصلاة والذِكْر، أكثر من اهتمامهم بالعبادات الاجتماعية التي يتعدى نفعها، كالجهاد، والفقه، والإصلاح بين الناس، والتعاون على البر والتقوى، والتواصي بالصبر والمرحمة، والدعوة إلى العدل والشورى، ورعاية حقوق الإنسان عامة، والإنسان الضعيف خاصة. 6- وأخيراً أهتم كثير من الناس بفروع الأعمال، وأهملوا الأصول، مع قول الأقدمين: من ضَّيع الأصول، حُرِم الوصول. وأغفلوا أساس البناء كله، وهو العقيدة والإيمان والتوحيد، وإخلاص الدين لله. 7- ومما وقع فيه الخلل والاضطراب: اشتغال كثير من الناس بمحاربة المكروهات، أو الشبهات، أكثر مما اشتغلوا بحرب المحرَّمات المنتشرة، أو الواجبات المضيعة، ومثل ذلك: الاشتغال بما اختلف في حِلِّه وحُرمته عما هو مقطوع بتحريمه. وهناك أناس مولعون بهذه الخلافيات، مثل مسائل التصوير والغناء والنقاب ونحوها، وكأنما لا هم لهم إلا إدارة المعارك الملتهبة حولها، ومحاولة سَوْق الناس قسرا إلى رأيهم فيها، في حين هم غافلون عن القضايا المصيرية الكبرى التي تتعلق بوجود الأمة ومصيرها وبقائها على الخريطة. ومن ذلك: انصراف الكثيرين إلى مقاومة الصغائر مع إغفال الكبائر الموبقات، سواء أكانت موبقات دينية، كالعرافة، والسحر، والكهانة، واتخاذ القبور مساجد، والنذر، والذبح للموتى، والاستعانة بالمقبورين، وسؤالهم قضاء الحاجات، وكشف الكربات: ونحو ذلك مما كدر صفاء عقيدة التوحيد. أم موبقات اجتماعية وسياسية، مثل: ضياع الشورى، والعدالة الاجتماعية، وغياب الحرية، وحقوق الشعوب، وكرامة الإنسان، وتوسيد الأمر إلى غير أهله، وتزوير الانتخابات، ونهب ثروة الأمة، وإقرار الامتيازات الأسرية والطبقية، وشيوع السرف والترف المدمر. هذا الخلل الكبير الذي أصاب أمتنا اليوم في معايير أولوياتها، حتى أصبحت تُصغِّر الكبير، وتُكبِّر الصغير، وتُعظِّم الهين، وتُهوِّن الخطير، وتُؤخِّر الأول، وتُقدِّم الأخير، وتهمل الفرض وتحرص على النفل، وتكترث للصغائر، وتستهين بالكبائر، وتعترك من أجل المختلَف فيه، وتصمت عن تضييع المتفَق عليه .. كل هذا يجعل الأمة اليوم في أمَسِّ الحاجة - بل في أشد الضرورة - إلى " فقه الأولويات "، لتُبدئ فيه وتُعيد، وتناقش وتحاور، وتستوضح وتتبين، حتى يقتنع عقلها، ويطمئن قلبها، وتستضيء بصيرتها، وتتجه إرادتها بعد ذلك إلى عمل الخير وخير العمل. [b][/size] | |
|